هل المذهب المالكي (الإمام ابن العربي) أو أي أحد من العلماء يبيح أكل لحوم أهل الكتاب مهما كانت طريقة الذبح (كالميتة مثلاً)، في نفس الفتوى يتحدث المفتي عن دراسة قامت بها لجنة برئاسة الشيخ القرضاوي ووجدوا فيها أن بعض أنواع اللحوم (كلحم الدجاج مثلاً) لا يتم ذبحها بطريقة شرعية في أوروبا ، وفي الفتوى رقم 2437 في هذا الموقع أنتم تقولون أنه قد بلغكم أن طرق الذبح في الولايات المتحدة هي أفضل منها في أوروبا، أرجو إيضاح إذا ما كان قولكم هذا عن دراسة قام بها أحد وإذا أمكن أن تلخصوا ما توصلت إليه هذه الدراسة، هل أنتم بقولكم هذا ترجحون حليّة ذبائح أهل الكتاب في الولايات المتحدة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نطلع على الفتوى التي أشرت إليها في الموقع المذكور، وبخصوص المذهب المالكي فإنه يشترط لحصول الذكاة الشرعية أن تكون بالآلة الحادة غير السن والظفر، ولا يفرق بين المسلم والكتابي في كيفية الذكاة، هذا هو مشهور المذهب المالكي، وقد أفتى بعضهم بجواز أكل طعام الكتابي ولو لم يكن ذكاه على الطريقة الشرعية التي ذكرنا، ومن أشهر من قال بذلك ابن العربي وقد أفتى به كما في كتابه أحكام القرآن، فقال رحمه الله: قوله تعالى: .. أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين... إلى قوله تعالى: "اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم" دليل قاطع على أن الصيد وطعام أهل الكتاب من الطيبات التي أباحها الله عز وجل وهو الحلال المطلق، وإنما كرره الله سبحانه وتعالى ليرفع الشكوك ويزيل الاعتراضات... ولقد سئلت عن النصراني يفتل عنق الدجاجة ثم يطيحها هل يؤكل معه أو تؤخذ طعاماً منه؟.. فقلت: تؤكل لأنها طعامه وطعام أحباره ورهبانه وإن لم تكن هذه ذكاة عندنا؛ ولكن الله تعالى أباح لنا طعامهم مطلقاً، وكل ما يرونه في دينهم فإنه حلال لنا في ديننا إلا ما كذبهم الله سبحانه فيه. قال علماؤنا: إنهم يعطوننا أولادهم ونساءهم ملكاً في الصلح فيحل لنا وطؤهن، فكيف لا تحل ذبائحهم والأكل دون الوطء في الحل والحرمة. هذا ما قاله ابن العربي في الأحكام.
وقد أيده في ذلك الونشريسي في المعيار فقال: إن فتوى ابن العربي لم يزل الطلبة والشيوخ يستشكلونها ولا إشكال فيها عند التأمل لأن الله تعالى أباح لنا أكل طعامهم الذي يستحلونه في دينهم على الوجه الذي أبيح لهم من ذكاة فيما شرعت لهم فيه الذكاة على الوجه الذي شرعت، ولا يشترط أن تكون موافقة لذكاتنا...
وقد تعقب كثير من المالكية كلام ابن العربي والونشريسي ورد عليهما، ومن هؤلاء الرهوني في حاشيته على البناني. انتهى نقلاً عن تبيين المسالك بتصرف.
ومشهور المذهب وما عليه أكثر أهل العلم هو ما ذكرنا في البداية.
وما ذكرناه في الفتوى التي أشرت إليها كان بناء على معلومات أخذناها من أشخاص وأفراد ثقات لهم اهتمام بهذا الموضوع وصلة بالغرب، ولم نقم نحن بدراسة خاصة رسمية.