عنوان الفتوى : هبة الوالد للذكور دون الإناث حال حياته
كاتب الموضوع
رسالة
احمدالحسينى المدير العام
عدد الرسائل : 2072 العمر : 60 البلد : مصر تاريخ التسجيل : 19/08/2007
موضوع: عنوان الفتوى : هبة الوالد للذكور دون الإناث حال حياته الأحد ديسمبر 16, 2007 1:55 pm
رقـم الفتوى :
101286
عنوان الفتوى :
هبة الوالد للذكور دون الإناث حال حياته
تاريخ الفتوى :
05 ذو القعدة 1428 / 15-11-2007
السؤال
شيخنا الفاضل حفظكم الله ورعاكم:
أبونا رحمه الله تعالى كان يفرق كثيرا بين أبنائه وبناته, حيث إنه سعى من أجل دراستهم حتى أنهوا تعليما عاليا والآن يتمتعون بمناصب عمل راقية, ساعدهم رحمه الله في شراء سيارات وأراضي لبناء سكن, أقام لكل منهم حفل زفاف كبير في زواجه وساعدهم كذلك بفتح حسابات بنكية لإرجاع الديون التي كانت عليهم جراء شراء بعض الكماليات وساعدهم كثيراً في تسديد ديونهم، بينما نحن البنات كان رحمه الله لا يعير لنا أي اهتمام على أساس أننا متزوجات ولا يجب عليه أي شيء تجاهنا، وإخواننا لا يمانعون ذلك. قبل 10 سنوات أعطى لكل منهم نصيبه وسجله باسمه وترك وصية مكتوبة على أساس أن هذا تقسيم للميراث، ونحن البنات أوصى لنا بقطعة أرض أقل قيمة مما أعطاه وأوصى به لإخواننا، وكتب في الوصية كذلك أنه لا يحق للبنات أن يتمتعن بحقهن ما دامت أمنا حية حفظها الله، علما بأننا نحن البنات لم نطلع على هذه الوصية إلا بعدالوفاة. وأسئلتنا نلخصها في الآتي: هل يؤخذ بهذه الوصية، هل ما تمتع به إخواننا في حياة أبينا رحمه الله حق شرعي لهم، هل يدخل ما أعطاه لهم في حياته في الميراث، هل يجوز تأخير قسمة الميراث مع العلم بأن البنات يعارضن ذلك، هل يجوز لنا تقديم شكوى لدى المحاكم الوضعية في حالة رفض إخواننا الحل الشرعي؟ نسأل الله أن تكون الإجابة وافية شافية... جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن تفضيل الأب للذكور دون الإناث في العطية -على نحو ما ذكرت السائلة- هو خلاف ما أمر الله به في كتابه، وخلاف ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته من العدل بين الأولاد ذكوراً وإناثاً، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النحل:90}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم... رواه البخاري ومسلم، وعند أبي داود بلفظ: اعدلوا بين أولادكم، اعدلوا بين أبنائكم...
وإذا كان الأب أوصى للأولاد بشيء من ماله أو أملاكه يأخذونه بعد موته فإن هذه وصية باطلة لا يجوز العمل بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث. رواه النسائي. فلا يجوز للوالد أن يوصي لأحد من الورثة بشيء سواء كان الموصى له ذكراً أو كان أنثى، فالوصية للوارث ممنوعة في الشرع لأن الله قسم التركة بينهم بالعدل، وانظري للأهمية الفتوى رقم: 78032.
وأما وصية الأب بأنه ليس للبنات حق في التركة ما دامت أمهن حية، فإن من كانت من البنات بالغة رشيدة فلها الحق في التركة بعد وفاة أبيها مباشرة، ووصية أبيها بالحجر عليها باطلة لا عبرة بها، وكذلك من كانت من البنات قاصرة لصغر سنها أو عدم حسن تصرفها فإن لها الحق في التركة؛ ولكن لا تتصرف في مالها حتى تصير بالغة رشيدة، ويتصرف في مالها وصيها المعروف بالنزاهة والاستقامة، فإن لم يكن لها وصي فالقاضي المسلم، وأما الأم فليس لها ولاية على مال الصغير في قول الجمهور، وانظري الفتوى رقم: 68530.
وأما ما وهبه الوالد للذكور حال حياته، فإن كان الموهوب له قد ملك الهبة في حياة أبيه وحازها وصار يتصرف فيها تصرف المالك فقد اختلف فيها هل تمضي أم لا؟ فمن أهل العلم من قال هي هبة صحيحة وقد صارت ملكاً له ولا تدخل في التركة بعد وفاة أبيه، ومن أهل العلم من قال هي هبة باطلة إذا لم يكن الوالد قد عدل بين أولاده، والقول الأخير هو الأقرب للحق والعدل، وتشهد له نصوص الشرع وقواعده ومقاصده، هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حسن إسناده ابن حجر: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. وفي البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: لبشير بن سعد وقد أراد أن يُشهده على هبة خص بها ابنه النعمان: لا تشهدني على جور. وفي مسلم أنه أمره بإرجاع الهبة.
ولا يجوز أن يمنع أحد من أخذ حقه من الميراث بعد وفاة الوالد لا من الذكور ولا من الإناث، ولا يجوز أن يؤخر إذا طلب نصيبه الشرعي وأمكن دفعه إليه، ومن فعل ذلك فهو ظالم آثم تلزمه التوبة إلى الله تعالى.
وأما التحاكم إلى المحاكم التي تحكم بالقانون الوضعي لأخذ المستحق حقه.. فالتحاكم لغير شرع الله لا يجوز في أي زمان ومكان، ولكن إن تعين التحاكم إليه لاسترداد الحق ولم يتمكن صاحب الحق من أخذ حقه إلا بالرجوع للقانون الوضعي فلا حرج في ذلك إن شاء الله، فيجوز التحاكم إليها للضرورة، فإذا انتفت الضرورة رجع للأصل، وراجع الفتوى رقم: 16466.